ها قد عاد “آبُ” من جديد ، ونحن ننتظر طيفك يظلل رؤوسنا التي أحرقتها شمس ألإنتظار .
حفظنا وصاياك فرحين أننا كموج البحر ، وأغرقنا في أصقاعنا كلماتك ، فصرنا أممٌ تغازلُ الشمس .
لم نعدْ نجيد إحتساب العمائم التي حفظت وصايا الرسول ، بل صرنا صروح إفتاء تُحيي وتميت ، ومحاكم وإماراتٍ تغوصُ جهلاً في تواريخها الرعناء .
صار الحلم أن نعبر في عتمة الليل كل قرانا سيراً على ألأقدام بلا حراس ، لأن نصال الخيانة إخترقت ظهورنا ، وأوردتنا هي أغمدةُ السيوف .
لا تتعجب هم أبناء جلدتنا ، أرادوا طمس بطولاتنا ظناً أن الإجرام هو جواز العبور .
غدت أعراسُنا مغمسةً بالدم ، وذاكرتُنا مسحها دمعُ أمهاتنا اللواتي أنجبنَ رجالاً لرفد الثورة تبحثن عن غطاء رأس كثرة الدخلاء على الدين .
لسنا بحاجةٍ أن نذكر لك أحوال الثوار على الظلم ، صرنا أكبر وأغلى من أي ثورة وثائر وجمع بشري لا حاجة لنا به .
صار العربيُ وحشا كاسراً أعماه التخلف ، و يُحتسبُ إسلامُه بعدد الرؤوس المقطوعة والسبايا الجدد والمعلقة على أعمدة الإنارة إن وجدت ، لتكون عبرةً للمغرر بهم من أبنائنا إرضاءً للأمير والمأمورين .
أبشر يا سيدي .. صار في الشمال “نبيا “، والجنوبيون لا زالوا ينتظرون شتلة التبغ “وميبراً” يصارعُ أنامل أتعبها العزف المر على خيطانٍ “وصنادل”.
ها نحن ننتظرك ، جماهيرنا ثارت من المحيط إلى الخليج تطالب بإيابك ككل آب ، لكن آبَ قد آبَ وحيداً كسنواتٍ مضت ، أثقَلَها الإنتظار لمستقبلٍ ضائع في “سبر” التكوين .
قُتلت العدالة يا سيدي ، والقدس تحررت من “العرب” حيثُ أسكنونا قلوبهم وضغطوا زر الإنتحار ، فتناثرت أجسادنا في الأرض وكان قطاف التحرير ، وتناسوا أن شرفها يحتاج إلى سواعد المؤمنين الشرفاء .
نعم نحن موج البحر ولن نهدأ في صبح وصاياك ، سنهتف بإسم الفلاحين والمعذبين والمحرومين والمستضعفين ، يا فالق البحر لموسى رد إلينا الإمام الصدر كي يعود أمل الوجود من جديد .
ها آب قد هلَ ونحن كما نحن نملأُ ألأرض شعاراتٍ لفظها الزمن .
وإلى العام القادم ونحن عرب يا سيدي عشاق كلام .
محمود هزيمة