لم يكن طرح وزيرة العدل ماري كلود نجم إسم القاضي طارق البيطار على مجلس القضاء الأعلى في المرّة الأولى، قبل تعيين القاضي فادي صوان محقّقًا عدّليًا في جريمة إنفجار 4 آب، نابعًا من عبث، إذ أنها عادت وأقترحت إسمه مرّة جديدة بعد تنحية القاضي صوان، وهي مدركة أن ليس أمام المجلس سوى الموافقة عليه، لأن الظروف تغيّرت، وبالتالي فإن رفضه تكرارًا الموافقة عليه قد يؤلب الرأي العام ضده أولًا، وأهالي ضحايا الإنفجار ثانيًا، خصوصًا بعد المعلومات التي تبّلغها من بعض المراجع الأمنية من أن الأهالي سوف يصعدّون من وتيرة تحركهم وإحتجاجاتهم.
ووفق النظرة الأولى إلى الموضوع يمكن للمرء أن يتصورّ السيناريو التالي لمسار التحقيق بعد كفّ يد القاضي صوان:
أولًا، على القاضي البيطار أن يراجع مع معاونيه الآف الصفحات، التي كان أعدّها صوان نتيجة ستة اشهر من التحقيقات، وهذا أمر يتطلب الكثير من الوقت والدقة والشفافية في طريقة التعاطي مع ملف بهذه الدّقة والحساسية والخطورة.
ثانيًا، إن المسؤولية الملقاة على عاتق القاضي البيطار تفرض عليه الإسراع في مسار التحقيقات وصولًا إلى النتيجة المتوخاة، مما يجعل من مهمته صعبة وشاقة، إذ أنه لا يملك ترف الوقت.
ثالثًا، إن ضغط أهالي الضحايا سترتفع وتيرته في المستقبل القريب، وسيكون لهم تحرّك نوعي غير عمليات الإحتجاج، مع تعاطف ملحوظ من قبل وسائل الإعلام، وبالأخص المرئي منها، والتي أبدت إستعدادها لفتح الهواء لهؤلاء الأهالي للتعبير عن وجعهم وخيبات أملهم.
وفي المحصلة فإن مهمة القاضي البيطار تبدو أكثر صعوبة من مهمة القاضي صوان، وذلك بفعل عامل ضغط الوقت وضغط الشارع، إضافة إلى شحّ المعلومات المتوافرة وعدم التعاون الدولي مع التحقيق ودخول أكثر من طرف على خطّ التحقيقات، خصوصًا من قبل بعض السياسيين، الذين يُعتبرون مستهدفين، وأن تكرار كفّ يد البيطار يبدو إحتمالًا واردًا في حال دقّ ابواب بعض الكبار، الذين تدور حولهم شبهات معينة، بإعتبار أن الإعتراض على ما يمكن أن يصدر عنه من أحكام قد يُطعن بها تحت مسمى “الإرتياب المشروع” تمهيدًا لكفّ يده وتمييع التحقيق ودخول البلاد في فوضى عارمة.